نحن... و شريعة الغاب
رغم أن استخدام وصف (شريعة الغاب) يعني
انتشار الفوضى، و يرمز لغيبة القانون و ترهل السلطة... فإن المدقق في اللفظ يكتشف
عدة حقائق تظلم عالم الغابة لصالح عالم البشر...
فرغم رفضنا
المطلق لمنطق الحيوانات المبني على افتراس القوي للضعيف، و افتراس الضعيف لمن هو
أضعف منه؛ فإن المتأمل بحياد و موضوعية يكتشف أن الحيوانات لا تفعل هذا إلا لضرورة
الحفاظ على وجودها، فحتى قانون القوة عندهم محكوم بقواعد و (أخلاق)، فلا يمكن أن
نجد حيواناً يفترس آخر و هو شبعان، لكن بعض البشر يفعلون!.
و الحيوانات لا تهاجم بعضها من الخلف، و لكن
بعض البشر يفعلون!. و كل فصيل من الحيوانات يحرص على أبناء فصيلته، فلا يعتدى
عليهم بل يدافع عنهم؛ فها هو عالم الذئاب الذي يُعد من أشرس الحيوانات؛ لا يمكن
لذئب بالغ فيه أن يعتدي على ذئب صغير بأي حال من الأحوال، لكن بعض البشر يعتدون
على إخوانهم بلا رحمة و بلا شفقة حتى أضحى الوصف بـ(ذئاب بشرية) مهيناً للذئاب
أكثر من إهانته للبشر!.
و الحيوانات تخضع لكبيرها و منظم قوافلها و موجه
حركاتها، لكن بعض البشر يتباهون بقدرتهم على مخالفة القانون!. و الحيوانات تدافع
عن صغارها حتى الموت، حتى و لو أطلق عليها النار و سال دمها غزيراً، لكن بعض
الأمهات من بني البشر يلقون بأطفالهم في الشوارع!... و الحيوانات التي تعتدي على
حقوق غيرها لا تفلت من عقاب الأكثر بطشاً و سلطاناً و نفوذاً و قوة... فهل بعد هذا
ندين (شريعة الغاب) أم ندين غياب الشريعة؟! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر مقالي هذا في جريدة المصري اليوم
بتاريخ 9/5/2010