العصا
لمن عصى!
في
الوقت الذى لا نتدخل فيه في عمل الطبيب ـ فلا نحدد له وسائل الفحص و التشخيص و العلاج
ـ نمنع المعلم من استخدام وسائله لتقويم ما اعوج من سلوك تلاميذه!. إن الذين
يطالبونه بتطبيق الطرق (النموذجية) في التدريس بعيدا عن الضرب، يفوتهم أن بعض
هؤلاء التلاميذ ليسوا (نموذجيين) على الإطلاق؛
فلا تُفيد معهم أساليب النصح و التوجيه،
فهم في حاجة لمن يكبح جماحهم، لا أن يُترك الحبل على الغارب؛ فيفسدون البقية
الباقية من زملائهم.
لقد أضحى المعلم، في ظل انقلاب القيم و المفاهيم،
في حاجة لمن يحميه من بلطجة بعض تلاميذه و بطشهم، بعد أن وصل الحال إلى حد لا ينبغي
الصمت حياله و تجاهل عواقبه الوخيمة.
فنتيجة لخروج «العصا» من معادلة العملية
التعليمية، دخلت بعض مدارسنا الأسلحة البيضاء و حملها التلاميذ و الطلاب في
حقائبهم المدرسية، بديلا عن الكراسة و القلم و الكتاب؛ فماذا ننتظر من هؤلاء الذين
تميعهم الوزارة بقرارات غير واقعية؟!.
و المنزل بتخليه عن دوره و إلقاء المسؤولية
على المدرسة وحدها، و وسائل الإعلام بعرض أفعالهم البغيضة من تحد و قلة أدب و انعدام
حياء في المسلسلات و الأفلام و المسرحيات كنموذج محفز للاقتداء.
لقد أضحى المعلم محاصرا بالعديد من تعليمات
المنع و الحث، حث على أداء دوره التربوي و التعليمي على أكمل وجه في ظل مناخ بعيد
كل البعد عن وصف الكمال، و منع لاستخدام عصاه حتى أضحى مجردا من هيبته، محتميا
بحقيبته التي يفضل أن يستبدلها بحقيبة إسعافات، داعيا الله أن ينتهي يومه الدراسي
على خير دون حدوث إصابات أو - لا قدر الله- عاهات!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر مقالي هذا في جريدة المصري اليوم
بتاريخ 23/4/2009